نيويورك تايمز : أزمة سلاسل التوريد دفعة لإحياء الصناعة المحلية
نيويورك تايمز : أزمة سلاسل التوريد دفعة لإحياء الصناعة المحلية
تختبر شركات أمريكية ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة استعادة بعض الإنتاج الصناعي الذي تنازلت عنه في العقود الأخيرة للصين ودول أخرى، وعودة العمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب العولمة، مدفوعة بتأثير الأزمات في سلاسل التوريد الناتجة عن جائحة “كوفيد-19، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ونقلت الصحيفة في تقرير لها عن رئيس ومالك شركة America Knits، ستيف هوكينز، قوله: “إعادة التصنيع بدلا من الاستيراد من الخارج هي خطوة غالبًا ما يطلق عليها إعادة التوطين” مؤكدا: “الآن.. يمكن القيام بذلك”.
الشركات الكبرى
تظهر “نيويورك تايمز” حرص بعض الشركات العملاقة على اختبار هذه الفرضية، إن لم يكن للسلع التامة الصنع، فبالتأكيد للأجزاء الأساسية.
وعلى سبيل المثال، تشير الصحيفة إلى إعلان شركة جنرال موتورز في ديسمبر أنها تدرس إنفاق ما يزيد على 4 مليارات دولار لتوسيع إنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات في ميشيغان، كما أعلنت تويوتا عن خطط لإنشاء مصنع للبطاريات بقيمة 1.3 مليار دولار في ولاية كارولينا الشمالية سيوظف 1750 شخصًا.
وقالت شركة Micron Technology إنها تخطط لاستثمار أكثر من 150 مليار دولار في تصنيع رقاقة الذاكرة والبحث والتطوير على مدى العقد المقبل، مع إنفاق جزء من ذلك في الولايات المتحدة، كما أعلنت شركة سامسونغ الكورية الجنوبية العملاقة إنها ستبني مصنعًا لأشباه الموصلات بقيمة 17 مليار دولار في تكساس.
البداية كانت لـ”ترامب”
وأشار التقرير إلى أن إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة كان موضوعًا رئيسيًا للرئيس السابق دونالد ترامب، الذي فرض رسومًا جمركية على الواردات من الحلفاء والمنافسين، وبدأ حربًا تجارية مع الصين وأوقف أو أعاد صياغة الاتفاقيات التجارية، وهو ما دفع الشركات العاملة في الصين لإعادة توجيه الاستثمار إلى الولايات المتحدة.
وقال الرائد العالمي للتصنيع والتنقل المتقدم في EY-Parthenon ، كلاوديو كنيزك :”منذ أن بدأ الوباء، تسارعت الجهود لنقل التصنيع”. وأضاف: “ربما وصلنا إلى نقطة تحول”.
وقال نائب رئيس المجموعة لاستراتيجية المؤسسة في Toyota Motor North America ، تيم إنجل: “الأمر يتعلق تمامًا بالاقتراب من العملاء.. إنه مسعى كبير، لكنه المستقبل”.
الأثر البيئي
تلعب التزامات الشركات الجديدة بالاستدامة دورًا آخر مع ظهور فرصة لتقليل التلوث واستهلاك الوقود الأحفوري في النقل عبر المحيطات.
ليست ظاهرة أمريكية
أشارت الصحيفة إلى أن “إعادة الصناعة” ليست مجرد ظاهرة أمريكية، حيث يقول الخبراء إن الاتجاه يشجع أيضًا التصنيع في المكسيك، كما يأتي ذلك بالتوازي مع افتتاح المصانع في أوروبا الشرقية لخدمة أسواق أوروبا الغربية مثل فرنسا وألمانيا.
ويتوقع كنيزك من EY-Parthenon أن تقود الصناعات ذات المنتجات المعقدة والأكثر تكلفة إلى الظهور، بما في ذلك السيارات وأشباه الموصلات والدفاع والطيران والمستحضرات الصيدلانية، ولكن أي شيء يتطلب كميات كبيرة من العمل اليدوي، هو أقل احتمالا للعودة.
العمالة
ويقول الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، سي شيه: “من الصعب التغلب على أجور 2.50 دولار للساعة”، موضحا أنه على الرغم من أن التوترات التجارية وتأخيرات الشحن، إلا أن الصين تحتفظ بمزايا هائلة، مثل قوة العمل العملاقة، وسهولة الوصول إلى المواد الخام والمصانع منخفضة التكلفة”.
وقال العضو المنتدب في شركة ديلويت للاستشارات، ريك بورك: “في أعقاب فيروس كوفيد-19 والقيود المفروضة على صادرات السلع مثل الأقنعة، يُنظر أيضًا إلى نقل التصنيع بالقرب من المنزل كأولوية للأمن القومي”، وأضاف: “مع استمرار الوباء، هناك إدراك بأن هذا قد يكون الوضع الطبيعي الجديد.. لم يعد النقاش حول التكلفة، ولكن حول مرونة سلسلة التوريد”.
ويقول البروفيسور بورك: “قبل ربع قرن، كانت المصانع الأمريكية توظف أكثر من 17 مليون شخص، لكن هذا الرقم انخفض إلى 11.5 مليون بحلول عام 2010، ومنذ ذلك الحين، كانت المكاسب متواضعة، حيث بلغ إجمالي قوة العمل التصنيعية الآن 12.5 مليون”.
وأشار إلى أن هذا القطاع قد يُمكن ثلثي الأمريكيين الذين يفتقرون إلى شهادة جامعية أن يكسبوا أجرًا، وفي المدن الكبرى وأجزاء من البلاد حيث يكون العمال منتسبين إلى نقابات، تدفع المصانع ما بين 20 إلى 25 دولارًا في الساعة مقارنة بـ15 دولارًا أو أقل للوظائف في المستودعات أو في المطاعم، في المناطق الريفية الجنوبية، يكسب العمال ما بين 12 إلى 15 دولارًا في الساعة في المصانع، مقارنة بـ7.50 دولارًا إلى 11 دولارًا في وظائف الخدمة.